بعد الفراق ..
تبقى هناك أشياء لا نملك لها نهاية..
إنها تلك الأشياء التي تعلن صرخة الميلاد مع اللفظة الاخيرة لأنفاس الحكاية..
وأول ما يهزمنا بعد الفراق..
لحظة حنين عابرة..
فنمارس الحنين مرغمين..
نحن إلى أحاديث جميلة تقاسمها ذات يوم قلب مع قلب والحلم ثالثهما..
نحن إلى أحلام جميلة نسجها ذات يوم خيال مع خيال.. والأمل ثالثهما..
نحن إلى إنسان.. إلى وجه.. إلى نبض..
إلى أشياء كثيرة كانت موجودة ولم تعد..
بعد الفراق..
تبقى هناك أشياء كثيرة لا نملك لها نهاية..
وأول ما يواجهنا بعد الفراق من الأشياء.. الذكرى !
والذكرى بعد الفراق تؤلم ..
وإن كانت من ذلك النوع السعيد..
فصفة النهاية توحي بالضياع..
وتعطي انطباعاً بالحزن..
فنحتسي الحزن مرغمين.. ونحزن..
نحزن على أشياء كثيرة عزيزة.. جميلة..
كانت موجودة ولم تعد..
بعد الفراق..
تبقى هناك أشياء كثيرة لا نملك لها نهاية..
أشياء تلاحقنا كالظل..
وأول ما يلاحقنا بعد الفراق.. البقايا !
والبقايا هي قشور الحكاية المتناثرة كهشيم الزجاج في أعين حاضرنا..
فحين نراها نتذكر..
وحين نتذكر نتألم.. وحين نتألم نبكي..
فهي تذكرنا دائماً بأن هناك من رحل عنا..
النصف الآخر الذي كان موجوداً.. ولم يعد..
بعد الفراق..
تبقى هناك أشياء كثيرة لا نملك لها نهاية..
أشياء يدفعنا إليها تيار الحنين..
فنبحر إليها مرغمين..
وأول ما يدفعنا إليه تيار الحنين صندوق الصور والرسائل..
نتفقدها.. نعيد استكشافها..
فالرسائل أوراق تحمل في أحشائها رحيق أحلامنا..
وجنون مشاعرنا..
والصورة تؤكد أن أحدهم قد مر من هنا ..
ووهبنا رسمه في لحظة عشق وثقة..
فبقى الرسم تذكاراً لجسم كان موجوداً هنا ولم يعد..
بعد الفراق..
تبقى هناك أشياء كثيرة لا نملك لها نهاية..
أشياء نحتاج إليها وبشدة..
وأول ما نحتاج إليه بعد الفراق.. الدموع !
بها نغسل ما تراكم في أعماقنا من صدأ الأيام..
وبها نطهر جرحاً حفر بسيف الفراق..
فأوحى وقتل..
وبها نهزم الحنين..
وبها نخفف من وطأة الذكرى
وبها... وبها.. وبها !!